كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


الرحم ضربان رحم قرابة وولادة ورحم إيمان وإسلام ورحم القرابة نوعان رحم يرث ورحم لا يرث ورحم تجب نفقته بالحكم كالأصول والفروع ورحم لا تجب نفقته بالحكم كالحواشي بل بالصلة والإحسان والصلة تكون بالمال وتكون بالزيارة والإحسان وبالصفح في الأقوال وبالعون في الأفعال وبالألفة بالمحبة والإجتماع وغير ذلك من معاني التواصل هذا في الدنيا وأما فيما بعد الموت فبالاستغفار لهم والدعاء ونحو ذلك ومن الصلة للرحمين تعليمهم ما يجهلون وتنبيههم على ما ينفعهم ويضرهم‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الأوسط ‏(‏عن جرير‏)‏ قال الزين العراقي‏:‏ وفيه الحكم بن عبد اللّه أبو مطيع وهو متروك وتبعه الهيثمي‏.‏

1766 - ‏(‏إن اللّه تعالى كتب‏)‏ أي فرض ‏(‏عليكم السعي‏)‏ بين الصفا والمروة في النسك فمن لم يسع لم يصح حجه عند الثلاثة وقال أبو حنيفة رضي اللّه تعالى عنه واجب لا ركن فيجير بدم ويصح حجه ‏(‏فاسعوا‏)‏ أي اقطعوا المسافة بينهما بالمرور كما يرشد إليه قول ابن عمر رضي اللّه عنه في رواية دن إذا نزل من الصفا يمشي فليس المراد بالسعي العدو كما وهم وأصل السعي الإسراع في المشي حساً أو معنى ذكره الحرالي‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال سئل رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم عام حج عن الرمل فذكره قال الهيثمي‏:‏ وفيه الفضل بن صدفة وهو ضعيف انتهى وفي الباب حديث صحيح وهو ما رواه جمع منهم ابن المبارك من حديث منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية عن نسوة من بني عبد الدار قلن رأينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يشتد إلى السعي حتى إذا بلغ زقاق بني فلان استقبل الناس فقال يا أيها الناس اسعوا إن اللّه قد كتب عليكم السعي قال الذهبي في التنقيح‏:‏ إسناده صحيح ورواه أيضاً الشافعي وأحمد رضي اللّه عنهما لكن فيه عندهما عبد اللّه بن المؤمل فيه ضعف قال ابن حجر لكن إذا انضمت إلى رواية الطبراني تقوت‏.‏

1767 - ‏(‏إن اللّه كتب الغيرة‏)‏ بفتح الغين أي الحمية والأنفة ‏(‏على النساء‏)‏ أي حكم بوجود الغيرة فيهن على رجالهن ومن ضرائرهن فليصبرن على جهاد أنفسهن عند ثورانها كما يصبر الرجال على جهاد الأعداء فإن لم تجاهد إحداهن نفسها وشيطانها ذهب كمال دينها وظفر بها شيطانها بتسخطها وظلمها زوجها فضرتها وربما جنت أو أهلكت نفسها فقد قالت امرأة لعمر زنيت فخذني فقال زوجها‏:‏ ما فعلت بل حملتها الغيرة ‏(‏والجهاد على الرجال فمن صبر‏)‏ القياس ‏[‏ص 250‏]‏ صبرت لكن ذكره رعاية للفظ من ‏(‏منهنّ إيماناً واحتساباً‏)‏ أي لوجه اللّه تعالى وطلباً للثواب ‏(‏كان لها مثل أجر الشهيد‏)‏ أي إنسان قتل في معركة الكفار بسبب القتال فهذه تقابل وتجبر تلك النقيصة وهي عدم قيامهن بالجهاد الذي كتب على الرجال وفيه إشارة إلى عدم مؤاخذة الغير بما يصدر عنها لأنها في تلك الحالة يكون عقلها محجوباً بشدة الغضب الذي أثارته الغيرة وقد أخرج أبو يعلى بسند قال ابن حجر رحمه اللّه لا بأس به عن عائشة رضي اللّه عنها مرفوعاً‏:‏ إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه‏.‏ وخرج بقوله من صبر من لم يصبر فإن أظهرت الضجر والسخط فلا أجر لها أصلاً وبقوله إيماناً واحتساباً من صبرت ولم تحتسب صبرها فلا يكون لها أجر شهيد لكن لها أجر في الجملة‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ والبزار كلاهما من حديث عبيد بن الصباح عن كامل عن أبي العلاء عن الحكم عن إبراهيم بن علقمة ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال‏:‏ كنت جالساً مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذ أقبلت امرأة عريانة فقام إليها رجل فألقى عليها ثوباً وضمها إليه فتغير وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال أحسبها غيرى ثم ذكره قال البزار لا نعلمه إلا من هذا الوجه وعبيد لا بأس به وكامل كوفي مشهور على أنه لم يشاركه أحد فيه انتهى وقال الهيثمي‏:‏ فيه عبيد بن الصباح ضعفه أبو حاتم ووثقه البزار وبقية رجاله ثقات وقال في الميزان عبيد بن الصباح ضعفه أبو حاتم وساق هذا الخبر من مناكيره وفي اللسان أورده العقيلي في الضعفاء ولا يتابع عليه ولا يعرف إلا به اهـ‏.‏ لكنه في الفتح عزاه للبزار وحده ورجاله ثقات لكن اختلف في عبيد بن الصباح منهم هكذا قال‏.‏

1768 - ‏(‏إن اللّه تعالى كره لكم ثلاثاً‏)‏ أي فعل خصال ثلاث أحدهما اللغو ‏(‏عند‏)‏ قراءة القرآن أي التكلم بالمطروح من القول عند تلاوته بل ينبغي الإنصات والاستماع، ‏{‏وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا‏}‏ وخرج باللغو الكلام لفائدة دينية كتفسير غريبه والبحث في نحو شيء من أحكامه ‏(‏و‏)‏ ثانيها ‏(‏رفع الصوت في الدعاء‏)‏ فإن من تدعونه يعلم السر وأخفى ‏{‏وهو معكم أينما كنتم‏}‏ وفي رواية عند الدعاء أي يسن الإنصات عند دعاء الداعي وعدم اللغو حالتئذ حيث كان ذلك الدعاء مشروعاً ‏(‏و‏)‏ ثالثها ‏(‏التخصر في الصلاة‏)‏ أي وضع اليد على الخاصرة حال الصلاة فيكره تزينها ودعوى أن المراد يتوكأ على عصا فيها أو أن يقرأ من آخر السورة آية أو آيتين، لا يكملها في فريضة بعيد من السياق ولو كثر اللغو حتى أدى إلى التخليط على القارىء أو كان الرفع يؤذي نحو مصل أو كان التخصر كبراً وإعجاباً كانت الكراهة للتحريم‏.‏

- ‏(‏عب عن‏)‏ أبي نصر ‏(‏يحيى بن أبي كثير‏)‏ ضد القليل الطائي مولاهم اليمامي لإمام أحد الأعلام واسم أبيه صالح أو يسار أو دينار من كبار التابعين وعبادهم ‏(‏مرسلاً‏)‏ قضية صنيع المصنف أنه لم يقف عليه مسنداً وإلا لما عدل لرواية الإرسال مع ما فيها من الإعلال وهو ذهول فقد خرجه الديلمي من حديث جابر مرفوعاً‏.‏

1769 - ‏(‏إن اللّه تعالى كره لكم ستاً‏)‏ من الخصال أي فعلها، أولها‏:‏ ‏(‏العبث في الصلاة‏)‏ أي اللعب أي عمل ما لا فائدة فيه ‏(‏و‏)‏ ثانيها‏:‏ ‏(‏المن في الصدقة‏)‏ فإنه محبط لثوابها ‏{‏لا تبطلوا صدقاتكم بالمن‏}‏ ‏(‏و‏)‏ ثالثها‏:‏ ‏(‏الرفث في الصيام‏)‏ أي الكلام الفاحش فيه ‏(‏و‏)‏ رابعها‏:‏ ‏(‏الضحك عند القبور‏)‏ فإنه يدل على قسوة القلب الموجبة للبعد عن الرب بل اللائق إكثار البكاء والقراءة والدعاء ‏(‏و‏)‏ خامسها‏:‏ ‏(‏دخول المساجد‏)‏ عبر بصيغة الجمع ليفيد عدم اختصاص النهي ببعضها كمسجده الشريف ‏[‏ص 251‏]‏ أو الحرم المكي أو الأقصى ‏(‏وأنتم جنب‏)‏ يعني دخولها بغير مكث فإنه مكروه تنزيهاً أو خلاف الأولى ومع اللبث حرام ‏(‏و‏)‏ سادسها‏:‏ ‏(‏إدخال العيون البيوت‏)‏ عمداً ‏(‏بغير إذن‏)‏ من أهلها يعني نظر الأجنبي إلى من في داخل بيت غيره بغير إذنه فإنه يكره تحريماً ومن ثم جاز لرب الدار أن يخذقه ويفقأ عينه أي إن لم يندفع إلا بذلك‏.‏

- ‏(‏ص‏)‏ وكذا ابن المبارك عن إسماعيل بن عياش عن عبد اللّه بن دينار الحمصي ‏(‏عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً‏)‏ قال ابن حجر وهو في مسند الشهاب من هذا الوجه وقال ابن طاهر عبد اللّه بن دينار هو الحمصي وليس المدني وهذا منقطع‏.‏

1770- ‏(‏إن اللّه تعالى كره لكم البيان كل البيان‏)‏ أي التعمق والمبالغة في إظهار الفصاحة في النطق وتكلف البلاغة في أساليب الكلام لأنه يجر إلى أن يرى الواحد منا لنفسه فضلاً على من تقدمه في المقال ومزية عليه في العلم أو الدرجة عند اللّه لفضل خص به عنهم فيحتقر من تقدمه ولا يعلم المسكين أن قلة كلام السلف إنما كان ورعاً وخشية للّه ولو أرادوا الكلام وإطالته لما عجزوا غير أنهم إذا ذكروا عظمة اللّه تلاشت عقولهم وانكسرت قلوبهم وقصرت ألسنتهم، والبيان جمع الفصاحة في اللفظ والبلاغة في المعنى‏.‏

قال الزمخشري‏:‏ البيان إظهار المقصود بأبلغ لفظ وهو من الفهم والذكاء وأصله الكشف والظهور‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عفير بن معدان وهو ضعيف قال الزين العراقي‏:‏ ورواه ابن السني في رياض المتعلمين عن أبي أمامة بسند ضعيف‏.‏

1771- ‏(‏إن اللّه تعالى كريم‏)‏ أي جواد لا ينفذ عطاؤه ‏(‏يحب الكرم‏)‏ لأنه من صفاته وهو يحب من تخلق بشيء منها كما سبق ‏(‏ويحب معالي الأخلاق‏)‏ من الحلم ونحوه من كل خلق فاضل لما ذكر ‏(‏ويكره‏)‏ لفظ رواية أبي نعيم ويبغض ‏(‏سفسافها‏)‏ بفتح أوله المهمل أي رديئها‏.‏ قال ابن عبد السلام‏:‏ الصفات الإلهية ضربان‏:‏ أحدهما يختص به كالأزلية والأبدية والغنى عن الأكون، والثاني يمكن التخلق به وهو ضربان‏:‏ أحدهما لا يجوز التخلق بها كالعظمة والكبرياء، والثاني ورد الشرع بالتخلق به كالكرم والحلم والحياء والوفاء فالتخلق به بقدر الإمكان مرض للرحمن مرغم للشيطان‏.‏

قال في الصحاح‏:‏ السفساف الرديء من الشيء كله والأمر الحفير وقال الزمخشري‏:‏ تقول العرب شعر سفساف وكل عمل لم يحكمه عامله فقد سفسفه‏.‏ وكل رجل مسفسف لئيم العطية ومن المجاز قولهم تحفظ من العمل السفساف ولا تسف له بعض الإسفاف‏.‏

وسام جسيمات الأمور ولا تكن * مسفاً إلى ما دق منهن دانيا

- ‏(‏طب حل ك عن سهل بن سعد‏)‏ قال الحافظ العراقي بعدما عزاه لمن ذكر خلا أبي نعيم إسناده صحيح‏.‏ وقال الهيثمي‏:‏ رجال الطبراني ثقات‏.‏

1772 - ‏(‏إن اللّه تعالى لم يبعث نبياً ولا‏)‏ استخلف ‏(‏خليفة‏)‏ فضلاً عن غيرهما وفي رواية من خليفة كالأمراء فإنهم خلفاء اللّه على عباده ‏(‏إلا وله بطانتان‏)‏ تثنية بطانة بالكسر وليجة وهو الذي يعرفه الرجل بأسراره ثقة به، شبه ببطانة الثوب هنا كما شبه بالشعار في خبر‏:‏ الأنصار شعار والناس دثار ذكره القاضي ‏(‏بطانة تأمره بالمعروف‏)‏ أي ما عرفه الشرع وحكم بحسنه وفي رواية بدل بالمعروف بالخير ‏(‏وتنهاه عن المنكر‏)‏ ما أنكره الشرع ونهى ‏[‏ص 252‏]‏ عن فعله قال ابن حجر‏:‏ البطانة بكسر الموحدة اسم جنس يشمل الواحد والمتعدد ‏(‏وبطانة لا تألوه خبالاً‏)‏ أي لا تقصر في إفساد أمره وهو اقتباس من قوله سبحانه وتعالى ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً‏}‏، ‏{‏ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قريناً‏}‏ واتستشكل هذا التقسيم بالنسبة للنبي لأنه وإن جاز عقلاً أن يكون في من يداخله من يكون من أهل الشر لكنه لا يتصور من أن يصغي إليه ولا يعمل بقوله لعصمته، وأجيب بأن في بقية الحديث الإشارة إلى سلامة النبي من ذلك وهو قوله ‏(‏ومن يوق بطانة السوء‏)‏ بأن يعصمه اللّه تعالى منها ‏(‏فقد وقى‏)‏ أي وقي الشر كله فهذا هو منصب النبوة الذي لا يجوز عليهم غيره وقد يحصل لغيرهم بتوفيقه تعالى وهدايته وفي الولاة من لا يقبل إلا من بطانة الشر وفيهم من يقبل من هؤلاء تارة ومن هؤلاء أخرى فإن كان على حد سواء فلم يتعرض له في الحديث لظهوره وإن كان الأغلب عليه القبول من أحدهما فهو ملحق به إن خيراً فخير وإن شراً فشر قال ابن التين وغيره يحتمل أن يريد بالبطانتين الوزيرين ويحتمل الملك والشيطان ويحتمل النفس الأمارة واللوامة إذ لكل منهم قوة ملكية وقوة حيوانية والحمل على الأعم أتم لكن قد لا يكون للبعض إلا البعض وحينئذ فعلى الحاكم أن لا يبادر بما تلقى إليه حاشيته حتى يبحث عنه وأن يتخذ لسره ثقة مأموناً فطناً عاقلاً لأن المصيبة إنما تدخل على الحاكم المأمون من قبول قول غير موثوق به إذ كان هو حسن الظن فيلزمه التثبت والتدبر ويسأل اللّه الهداية والتبصر‏.‏

- ‏(‏خد ت عن أبي هريرة‏)‏ قال في الكبير صحيح غريب وفي الباب غيره أيضاً وهو في البخاري بزيادة ونقص‏.‏

1773 - ‏(‏إن اللّه تعالى لم يجعل شفاءكم‏)‏ من الأمراض القلبية والنفسية أو الشفاء الكامل المأمون الغائلة ‏(‏فيما حرم‏)‏ بالبناء للفاعل ويجوز للمفعول ‏(‏عليكم‏)‏ لأنه سبحانه وتعالى لم يحرمه إلا لخيثه ضناً بعباده وحمية لهم وصيانة عن التلطخ بدنسه وما حرم عليهم شيئاً إلا عوضهم خيراً منه فعدولهم عما عوضه لهم إلى ما منعهم منه يوجب حرمان نفعه ومن تأمل ذلك هان عليه ترك المحرم المؤذي واعتاض عنه النافع المجدي والمحرم وإن أثر في إزالة المرض لكنه يعقب بخبثه سقماً قلبياً أعظم منه فالمتداوي به ساع في إزالة سقم البدن بسقم القلب وبه علم أنه لا تدافع بين الحديث وآية ‏{‏منافع للناس‏}‏ ومحل المنافع المنصوص عليها فيها على منفعة الإتعاظ فإن السكران هو والكلب واحد يلحس في ذا مرة وذا مرة تكلف بارد‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا أبو يعلى كما في الدرر للمصنف ‏(‏عن أم سلمة‏)‏ قالت‏:‏ نبذت نبيذاً في كوز فدخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو يغلي فقال ما هذا قلت اشتكت ابنة لي فصنعت لها فذكره قال الهيثمي‏:‏ إسناده منقطع ورجاله رجال الصحيح ورواه عنه أيضاً ابن حبان والبيهقي باللفظ المذكور قال في المهذب وإسناده صويلح انتهى وقال ابن حجر رحمه اللّه ذكره ابن خالد تعليقاً عن ابن مسعود قال وقد أوردته في تعليق التعليق من طرق صحيحة‏.‏

1774 - ‏(‏إن اللّه تعالى لم يفرض الزكاة‏)‏ أي لم يوجبها من الفرض وهو الجز في الشيء لينزل فيه ما يسد فريضته حساً أو معنى ذكره الحرالي ‏(‏إلا ليطيب‏)‏ بالتشديد ويخفف أي بإفرادها عن المال وصرفها إلى مستحقيها ‏(‏ما بقي‏)‏ بعد إخراج الفرض ‏(‏من أموالكم‏)‏ أي يخلصها من الشبه والرذائل فإنها تطهر المال من الخبث والنفس من البخل وهذا مأخوذ من قوله تعالى ‏{‏خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها‏}‏ ومعنى التطيب أن أداء الزكاة إما أن يحل ما بقي من ماله المخلوط بحق الفقراء وإما أن يزكي من تبعة ما لحقه به من إثم منع حق اللّه ‏(‏وإنما فرض المواريث‏)‏ زاد ابن أبي حاتم ‏[‏ص 253‏]‏ من أموالكم ‏(‏لتكون‏)‏ في رواية لتبقى ‏(‏لمن بعدكم‏)‏ من الورثة وقوله وإنما فرض إلخ معطوف على قوله إن اللّه لم يفرض الزكاة إلا لكذا ولم يفرض المواريث إلا لتكون لمن بعدكم والمعنى لو كان مطلق الجمع وضبطه محظوراً لما افترض اللّه الزكاة ولا الميراث ‏(‏ألا‏)‏ حرف تنبيه ‏(‏أخبركم بخير ما يكنز‏)‏ بفتح أوله ‏(‏المرء‏)‏ فاعل يكنز ‏(‏المرأة الصالحة‏)‏ أي الجميلة العفيفة الدينة فإنها خير ما يكنز وادخارها أنفع من كنز الذهب والفضة قال الطيبي‏:‏ المرأة مبتدأ والجملة الشرطية خبره ويجوز كونه خبر مبتدأ محذوف والجملة الشرطية بيان ‏(‏إذا نظر إليها سرته‏)‏ أي أعجبته لأنه أدعى لجماعها فيكون سبباً لصون فرجها ومجيء ولد صالح ‏(‏فإذا أمرها أطاعته‏)‏ في غير معصية ‏(‏وإذا غاب عنها‏)‏ في سفر أو حضر ‏(‏حفظته‏)‏ في نفسها وماله كما في خبر آخر ولابن ماجه وإن أقسم عليها أبرته قال الطيبي‏:‏ ووجه المناسبة بين المال والمرأة تصور الانتفاع من كل منهما وأنهما نوعا هذا الجنس ولذلك استثنى اللّه من أتى اللّه بقلب سليم من قوله ‏{‏يوم لا ينفع مال ولا بنون‏}‏ وقوله إذا غاب عنها حفظته مقابل لقوله إذا نظر إليها سرته وقوله إذا أمرها أطاعته دلالة على حسن خلقها وسبب الحديث أنه لما نزل ‏{‏والذين يكنزون الذهب والفضة‏}‏ الآية كبر ذلك على المسلمين فقال عمر‏:‏ أنا أفرج عنكم فقال‏:‏ يا نبي اللّه كبر على أصحابك هذه الآية فقال‏:‏ إن اللّه ما فرض الزكاة إلا لتتطيب ما بقي من أموالكم فكبر عمر رضي اللّه عنه فقال ألا أخبركم إلى آخره قال القاضي‏:‏ لما بين لهم أنه لا حرج عليهم في كنز المال ما داموا يؤدون زكاته ورأى استبشارهم به رغبهم عنه إلى ما هو خير وأبقى وهو المرأة الصالحة الجميلة فإن الذهب لا ينفع الرجل ولا يغنيه إلى إن فر عنه والمرأة ما دامت معه رفيقته ينظر إليها فتسره ويقضي عند الحاجة منها وطره ويشاورها فيما يعن له فتحفظ سره ويستمد منها في حوائجه فتطيع أمره وإذا غاب عنها تحامي ماله وتراعي عياله ولو لم يكن لها إلا أنها تحفظ بذره وتربي زرعه فيحصل بسببها ولد يكون له وزيراً في حياته وخليفة بعد وفاته لكفى‏.‏

- ‏(‏د ك هق‏)‏ كلهم في الزكاة ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال الحاكم على شرطهما وأقر الذهبي في التلخيص في الزكاة ورده في التهذيب في التفسير فقال عثمان القطان أي أحد رجاله لا أعرفه والخبر عجيب انتهى وقال فيه المهذب فيه عثمان أبو اليقظان ضعفوه انتهى وهذا الحديث لم أره في نسخة المصنف التي بخطه‏.‏

1775 - ‏(‏إن اللّه‏)‏ أي اعلم يا من جاءنا يطلب من الصدقة إن اللّه قد اعتنى بأمر الصدقة وتولى قسمتها بنفسه ‏(‏لم يرض بحكم نبي‏)‏ مرسل ‏(‏ولا غيره‏)‏ من ملك مقرب أو جهبذ مجتهد ‏(‏في الصدقات‏)‏ أي في قسمتها على مستحقيها ‏(‏حتى حكم فيها هو‏)‏ أي أنزلها مقسومة في كتابه واضحة جليلة قال الطيبي‏:‏ وقوله هو تأكيد إذ ليس هنا صفة جرت على غير من هي له وحتى بمعنى إلى ‏(‏فجزأها ثمانية أجزاء‏)‏ مذكورة في قوله ‏{‏إنما الصدقات‏}‏ إلى آخر الآية وتمام الحديث فإن كست من تلك الأجزاء أعطيتك قال الحرالي‏:‏ وإذا تولى اللّه سبحانه إدانة حكم أنهاه إلى الغاية في الإفصاح وفيه رد على المزني منا في صرفه خمسها لمن له خمس الغنيمة ورد على أبي حنيفة رضي اللّه عنه والثوري والحسن رضي اللّه عنهما في صرفها لواحد ومالك رضي اللّه عنه في دفعها لأكثرهم حاجة وفيه إشارة إلى أن الزكاة على هذا النمط من خصائص هذه الأمة وأنها علية الشأن عند اللّه لكونه تولى شرع قسمتها بنفسه ولم يكله إلى غيره وناهيك به شرفاً وقد ورد مثل هذا الخبر للمواريث في خبر ضعفه ابن الصلاح بلفظه إن اللّه لم يكل قسمة مواريثكم إلى نبي مرسل ولا إلى ملك مقرب ولكن قسمها بنفسه‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الزكاة ‏(‏عن زياد بن الحارث الصدائي‏)‏ بضم الصاد المهملة صحابي نزل من مصر فقال قال رجل يا رسول اللّه أعطني من هذه الصدقة فذكره ثم قال فإن كنت من أهل تلك الأجزاء أعطيتك وفيه كما قال الذهبي في المهذب عبد الرحمن بن زياد وهو الإفريقي ضعيف انتهى وكذا قال المناوي ثم هذا الحديث لم أره في نسخة المصنف التي بخطه‏.‏

‏[‏ص 254‏]‏ 1776 - ‏(‏إن اللّه لم يبعثني معنتاً‏)‏ أي شقاء على عباده ‏(‏ولا متعنتاً‏)‏ بتشديد النون مكسورة أي طالب للعنت وهو العسر والمشقة ‏(‏ولكن بعثني معلماً‏)‏ بكسر اللام مشددة ‏(‏ميسراً‏)‏ من اليسر قال الحرالي‏:‏ وهو حصول الشيء عفواً بلا كلفة وهذا قاله لعائشة رضي اللّه عنها لما أمره اللّه بتخيير نسائه فبدأ بها فخيرها فاختارته وقال يا رسول اللّه لا تقل إني اخترتك‏.‏